رمضان والألعاب الأولمبية: ان تصوم أم لا تصوم؟
بما ان الالعاب تتزامن مع شهر رمضان الكريم، فان الرياضيين المسلمين يواجهون اختيارا صعبا.
بما ان الالعاب الاوليمبية تتزامن مع شهر رمضان الكريم، فان الرياضيين المسلمين يواجهون اختيارا صعبا. يتحدث عبد البوهاري، رامي القرص في اللفريق الاولمبي البريطاني، عن قراره الشخصي.
يصوم عبد البوهاري رمضان منذ سن الثانية عشرة، لكن صوم هذا الشهر سوف يفوته هذا العام. ولديه سبب جيد لهذا: بوهاري هو من افضل رماة القرص في المملكة المتحدة وسوف يمثل فريقها الاولمبي في لعبة رمي القرص للرجال في لندن 2012. وقد قرر ان لا يخاطر بادائه الاولمبي من جراء صيامه.
ويقول عبد البوهاري: "في الحقيقة كان هذا قرارا صعبا، اذ انني قد صمت شهر رمضان طوال حياتي – ذلك مهم للغاية بالنسبة لي. ولكن اذا صمت الان فسيكون من المستحيل ان ابقى في قمة حالتي وادائي وفي اعلى مستوى لي في الالعاب". واضاف: "انا اومن بان الله غفور وسوف اصوم، لاحقا، كل يوم فاتني". وهو يخطط لان يصوم لاحقا خلال العام الجاري.
هذه هي المرة الثانية التي لا يصوم فيها بوهاري شهر رمضان، وكانت المرة الاولى في العام الماضي عندما تزامن شهر رمضان مع بطولات العالم الرياضية في كوريا. بعد مناقشات كثيرة مع مدربه وزوجته والعديد من الائمة توصل الى قناعة بان الصوم ومنافسة الرياضيين ذوي المستوى العالي لا يتوافقان. "ناقشت ذلك مع مدربي باحثا في ما اذا كان بامكاني الحصول على سعرات حرارية كافية للتغذية والطاقة التي احتاج اليها ولكن في النهاية قررنا ان ذلك سيكون بمثابة مخاطرة كبيرة".
في كوريا، خلال المنافسات، كان بوهاري يسكن في مسكن واحد مع رفيقه في فريق المملكة المتحدة الرياضي المسلم محمد فرح. "كلانا لم يكن يصوم ووجدنا ذلك صعبا في الحقيقة. لا يرغب اي مسلم في ان يفوته رمضان".
جميع الرياضيين المسلمين الاربعة الذين في فريق المملكة المتحدة (بوهاري، فرح، روار موي صبيحي، فنسر حسين روسوسكي) قرروا ان لا يصوموا شهر رمضان هذا العام لكي لا يغامروا بادائهم الاولمبي، بينما سيصوم فرح وروسوسكي الشهر لاحقا خلال العام الجاري. وبدلا من ذلك، قرر صبيحي تقديم 60 وجبة يوميا للفقراء للتعويض عن الصيام الذي يفوته. لقد جاء خيري بهذا الحل بعد استشارة الفقهاء المسلمين في المغرب، بلد والده.
من المتوقع ان يشارك اكثر من 3000 رياضي مسلم في اولمبياد لندن 2012 ولكن منظمي الالعاب يقولون انه من غير الممكن معرفة كم عدد الصائمين من بينهم. ومع ذلك، فهم مستعدون: يمكن للرياضيين الصائمين ان يطلبوا "علبة وجبة افطار" تحتوي على التمر والماء وسيكون الكانتين مفتوحا طوال 24 ساعة في اليوم لكي يستطيع اي شخص صائم ان يتدبر وجبة السحور، وهي الوجبة التي يتم تناولها قبل الفجر في الساعات الاولى من اليوم.
لكن، هل ينصح ان يتنافس الرياضيون ويتدربوا بينما هم صائمون، فعلا؟
في العام 2009، بدات مجموعة عمل التغذية التابعة للجنة الدولية للالعاب الاولمبية البحث في تاثير الصوم على الاداء الرياضي. وقد عكف فريق من العلماء، قاده رون موغان استاذ تغذية الرياضة والتمرينات في جامعة لوبرو، على تحليل اكثر من 400 مقال عن رمضان والرياضة ونشرت نتائج تحليلاتهم هذه في الصحيفة البريطانية لطب الرياضة الشهر الماضي. وقد استخلص التقرير ان: "الصوم لفترة قصيرة، او بشكل متقطع ليس له تاثير، او له تاثير ضئيل، على الصحة او الاداء عند معظم الرياضيين... ولشعائر رمضان تاثير سلبي محدود فقط سواء على التدريب او الاداء التنافسي".
"كل شخص يميل الى ان يفترض ان الاداء سوف يتاثر بسبب الصيام في رمضان، ولكن ليس هنالك شيء غير طبيعي في ممارسة الالعاب الرياضية خلال شهر رمضان" - هكذا يقول موغان. "معظم الاشخاص الذين يصومون شهر رمضان، سواء كانوا رياضيين او لا، كانوا يصومون لسنوات. هم يعرفون كيف يلاءمون انفسهم وما تستطيع اجسامهم تحمله. لذلك، فان الصيام امن تماما".
بالرغم من ان بوهاري وصبيحي وروسوسكي قد تخلوا عن صوم رمضان في هذا الصيف الا انهم كانوا قد تدربوا، جميعا، خلال رمضان في شهور الشتاء دون مشاكل. كما يوضح روسوسكي: "ركز فقط وخطط وتعامل مع الامور".
بوهاري يزن 20 حجر (وحدة وزن بريطانية, ما يعادل 125 كلغم). وهو يتناول 6 وجبات ويشرب 6 لترات من الماء في اليوم العادي. في ايام التدريب اثناء رمضان فقد كان يستيقظ مبكرا عن المعتاد من اجل تناول وجبة السحور فياكل انواعا متعددة من الكربوهيدرات الى جانب الكثير من المياه والكهارل من اجل الوقاية من الشد العضلي. "بالتاكيد كنت اشعر احيانا بالعطش ولكن في النهاية كان ايماني يحفزني. يمكنني ان استفيد من هذا" - كما يقول.
القدرة على التدرب خلال شهر رمضان تختلف من الرياضي المتنافس الى الشخص العادي - هكذا يحذر درو برايس، وهو اخصائي تغذية يعمل مع الرياضيين ولاعبي كرة القدم الذين يصومون في شهر رمضان. "رمضان ليس صعبا بالنسبة للرياضيين، كما يعتقد الناس، ولكن الرياضيين لديهم فريق دعم كامل لمتابعتهم بينما هم صائمون. الشخص العادي لا يمتلك ذلك، لذلك اذا ارادوا ان يتدربوا ويصوموا فيجب ان ينصتوا الى اجسامهم. وبشكل عام، كلما زادت لياقتك كلما كان الامر اسهل بالنسبة لك. رمضان يستمر اسابيع قليلة فقط من مجمل السنة باكملها، ولذا يمكن التعايش معه بسهولة من حيث شدة وحجم التدريبات التي يجب القيام بها لمدة شهر واحد، وخاصة اذا كان الرياضي يتدرب بشكل جيد في الاشهر الاخرى من السنة".
المدرب الشخصي عمران اللاهي يمتلك ناديا صحيا في سانت جون، شمال لندن، وقد نشر في العام الماضي "دليل اللياقة" على الانترنت عن كيفية المحافظة على اللياقة البدنية اثناء الصوم. فهو يعمل خلال رمضان ويفضل التدريب قبل السحور وليس خلال ساعات الصوم.
"المفتاح هو التركيز والحفاظ على اللياقة البدنية اثناء رمضان، وليس تحسينها او تركها تسوء" - هكذا يقول. "يمكنك ان تتدرب قبل بدء الصوم او بعد الافطار. تدرب اقل من الطبيعي بقليل وسوف يعطيك طاقة اكثر".
اسيف احمد يبلغ من العمر 26 سنة، من لندن، يذهب الى تدريبات اللياقة البدنية 3 مرات اسبوعيا خلال رمضان ويتفق مع هذا الكلام. "انه مفهوم صعب الاستيعاب، ولكن ممارسة الرياضة في الحقيقة لا تعني ان الادرينالين يؤثر على جميع التفاعلات الطبيعية، مثل العطش او التعب... كل شي يعتمد على الانضباط، وبعد ذلك يمكن تحقيق اي هدف".