القدوة الصالحة من أهم المبادئ التربوية في مجال التدريس، فالطلاب عيونهم معقودة بمدرسهم ، متطلعة إلى حركاته وسكناته ، لا إلى أقواله وألفاظه ، ولقد أوصى عمرو ابن عتيبة مؤدب أولاده فقال: (ليكن أول إصلاحك لنفسك، فإن عيونهم معقودة بعينيك فالحسن عندك ما صنعت، والقبيح عندهم ما تركت. علمهم كتاب الله ولا تملهم فيه فيكرهوه، ولا تتركهم فيه فيهجروه، وروهم من الحديث أشرفه، ومن الشعر أعفه، ولا تنقلهم من علم لآخر حتى يحكموه، فأن ازدحام الكلام في القلب مشغلة للفهم ، وعلم سنن الحكماء ، ولا تتكل على عذر مني لك ، فقد اتكلت على كفاية منك) وتتفق هذه الوصية مع وصية الرشيد لمؤدب ولده الأمين, العالم اللغوي محمد بن الأحمر وتطبيق هذا المبدأ يعود بالنفع العميم على التدريس، وبناء الشخصية إذ تتحول معه التربية من مجرد أقوال إلى واقع حي ، يشاهده التلاميذ ويحتذون به كما يعد عاملاً من عوامل بناء الثقة بين التلاميذ ومدرسهم، وما تفرق الناس وانحرافهم في هذا الزمان إلا نتيجة لفقدان القدوة الصالحة.
وتعتبر القدوة في التربية من أنجح الوسائل المؤثرة في إعداد الولد خلقياً، وتكوينه نفسياً واجتماعياً .. ذلك لأن المربي هو المثل الأعلى في نظر الطفل والأسوة الصالحة في عين الولد .. يقلده سلوكياً.. ويحاكيه خلقياً من حيث يشعر أو لا يشعر .. بل تنطبع في نفسه وإحساسه صورته القولية والفعلية والحسية والمعنوية من حيث يدري أو لا يدري!!..
ومن السهل على المربي أن يلقن الولد منهاجاً من منهاج التربية ، ولكن من الصعوبة أن يسيتجب الولد لهذا المنهج حيث يرى من يشرف على تربيته . ويقوم على توجهيه غير متحقق بهذا المنهج ، وغير مطبق لأصوله ومبادئه.
السلام عليكم